بينها اليمن والسودان.. 10 دول تواجه أزمات غذائية هي الأسوأ عالمياً
بينها اليمن والسودان.. 10 دول تواجه أزمات غذائية هي الأسوأ عالمياً
كشف تقرير أممي حديث أن نحو 9.9 % من مجمل سكان العالم (أي 720 إلى 811 مليون شخص) كانوا يعانون جوعاً مزمناً ونقصاً في التغذية خلال 2020، بعد أن كانت النسبة في 2019 نحو 8.4%؛ ما يعني ارتفاع العدد بنحو 90 مليون خلال عام واحد.
ويشير تقرير “حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2021” الذي صدر عن منظمة الأغذية والزراعة “فاو” ومنظمات أممية أخرى، إلى وجود 10 أزمات غذائية هي الأسوأ عالمياً من حيث عدد الأشخاص، كان من بينها 6 أزمات في بلدان إفريقية (الكونغو الديمقراطية، والسودان، وشمال نيجيريا، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وزيمبابوي)، واثنتان في الشرق الأوسط (سوريا واليمن)، وواحدة في الأمريكتين (هاييتي)، وأخرى في جنوب آسيا (أفغانستان).
أسباب التراجع
وأرجع التقرير الذي ناقشته “فاو” خلال ندوة موسعة نظمتها حول “سبل مساهمة الأنظمة الغذائية الزراعية المبتكرة المرنة في إطعام عالم يعيش وسط تداعيات تغيُّرات مناخية متفاقمة”، خلال القمة المناخية في جلاسكو، تفاقم أزمة الغذاء إلى عوامل عدة، منها الفقر، واتساع حالات عدم المساواة في الدخل والقدرة الإنتاجية والتقنية والتعليم والصحة وسوء الإدارة والظروف المناخية المتطرفة والنزاعات الممتدة والأزمات الاقتصادية.
ويوجز تقرير “الفاو” الدوافع الرئيسية لتراجع الأمن الغذائي وسوء التغذية حول العالم في ضعف الكفاءة في مراحل الإنتاج والتصنيع والتخزين والتوزيع، والنزاعات، والتقلبات والأحوال المناخية القصوى، وحالات التباطؤ والانكماش الاقتصادي.
ويقول التقرير إن أكثر من نصف السكان الذين يواجهون نقص التغذية يعيشون في بلدان تشهد شكلاً من أشكال النزاع أو العنف، مشيراً إلى أن النزاعات الداخلية قد تجاوزت عدد النزاعات القائمة بين دول مختلفة.
وتشكل التقلبات والأحوال المناخية المتطرفة دافعاً رئيسياً لارتفاع نسبة الجوع في العالم، وأحد الأسباب المهمة لحدوث أزمات غذائية حادة، وكذلك ارتفاع مستويات سوء التغذية المسجلة خلال السنوات الأخيرة، خاصة في البلدان التي تُعد نظمها الغذائية والزراعية حساسة بدرجة كبيرة لهطول الأمطار والتقلبات في درجات الحرارة.
الانكماش الاقتصادي
وأوضح التقرير أن حالات التباطؤ والانكماش الاقتصادي تؤدي بدورها إلى ارتفاع مستويات الجوع وانعدام الأمن الغذائي، بغض النظر عما إذا كان مدفوعاً بتقلبات السوق، أو الحروب التجارية، أو الاضطرابات السياسية، أو الأوبئة العالمية، حيث يدفع تباطؤ النمو والانكماش الاقتصادي الناس إلى شراء أغذية “أرخص” ثمناً و”أفقر” من الناحية الغذائية.
غياب المساواة
وأشار التقرير إلى “غياب المساواة” كأحد أسباب زيادة مستويات الفقر وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، بما فيها أشكال انعدام المساواة المرتبطة بنوع الجنس والشباب والسكان الأصليين والأشخاص ذوي الإعاقة، خلال فترات التباطؤ والانكماش الاقتصادي، أو في أعقاب النزاعات والكوارث المتصلة بالمناخ.
وأشار التقرير إلى عوامل أخرى وراء انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، يحمل أغلبها طابعاً محلياً، أو يؤثر في أقاليم وبلدان محددة، وتشمل هذه العوامل -على سبيل المثال- ارتفاع أسعار الأغذية، وانتشار أسراب الجراد، وتفشي الأمراض المحلية، ورداءة المرافق والخدمات الصحية، وضعف ممارسات تغذية الأطفال.
إفريقيا هي الأسوأ
وكشفت أرقام تقرير “فاو” عن أوجه عدم مساواة إقليمية، فقد عانى شخص واحد من أصل 5 أشخاص (20% من السكان) الجوع المزمن في إفريقيا عام 2020، أي أكثر من ضعف النسبة المسجلة في أي إقليم آخر، بزيادة تقارب 3 نقاط مئوية على السنة التي سبقتها، وتلي إفريقيا كلٌ من أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي (9.1%) وآسيا (9%) اللتين شهدتا زيادة قدرها 2 و1.1% على التوالي بين عامي 2019 و2020.
وكان معدل انعدام الأمن الغذائي قد ارتفع بوتيرة بطيئة عالمياً من 22.6% من سكان العالم في 2014 إلى 26.6% في 2019، لكن في عام 2020 الذي شهد تفشي جائحة (كوفيد-19)، ارتفع معدل انعدام الأمن الغذائي بمقدار الزيادة ذاتها خلال مجموع السنوات الخمس السابقة، ليبلغ 30.4 %، أي تعذر على شخص واحد من بين كل 3 أشخاص في العالم الحصول على غذاء كافٍ.
وللعام الثالث على التوالي، كان أكبر عدد من السكان الجياع في 3 بلدان متأثرة بالصراعات، هي الكونغو الديمقراطية (21.8 مليون) واليمن (13.5 مليون) وأفغانستان (13.2 مليون). وتشكل هذه البلدان، بالإضافة إلى سوريا (12.4 مليون) والسودان (9.6 مليون)، ما يزيد على 45% من مجموع السكان المصنفين عالمياً في مرحلة الأزمة الغذائية أو المراحل الأسوأ.
ومن حيث الانتشار، يصنف التقرير الحالي 60% من سكان سوريا ضمن مرحلة الأزمة الغذائية أو المراحل الأسوأ، وتأتي دولة جنوب السودان ثانياً بنسبة 55%، يليها اليمن وزيمبابوي بنسبة 45%، ويتوقع التقرير أن تتعمق الأزمة الغذائية العالمية في 2021 نتيجة النزاعات ووباء “كوفيد-19” والأزمات الاقتصادية الواسعة النطاق، مما يستلزم استمرار المساعدات الإنسانية على نطاق كبير.
ويؤكد التحديث الأخير للتقرير الذي يعتمد على تحليل البيانات المتاحة حتى 10 سبتمبر الماضي، أن 42 من أصل 55 دولة كانت تواجه أزمة غذائية في 2020 تشير إلى وجود 161 مليون شخص يواجهون أزمة غذائية في السنة الحالية.
الوضع ينذر بكارثة
وذكر التقرير أن الوضع الحالي قد ينذر بكارثة، إذ إن العدد يزيد على 45% من مجموع السكان المصنفين عالمياً في مرحلة الأزمة الغذائية أو المراحل الأسوأ، ويؤكد التقرير أن هذه الأرقام والمعطيات تستوجب تعزيز الجهود العالمية والإقليمية لمواجهة الأسباب الجوهرية لأزمة الغذاء العالمية، من خلال تسوية النزاعات على أساس عادل، ودعم العمل المناخي والتكيُّف مع آثار تغيُّر المناخ، والتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية، ومعالجة عوامل الفقر وغياب المساواة.